للمرة الأولى يعبر زملاؤنا في غزة عن عدم قدرتهم على مواصلة العمل في الظروف القاسية التي يواجهونها، حيث تم قتل أكثر من 200 عامل إغاثة أثناء توصيل المساعدات الإنسانية. بعد ستة أشهر من القصف المستمر والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، وبعد استشارة فريقنا في غزة، قررنا في أنيرا تعليق عملياتنا داخل قطاع غزة.

هذا الهجوم الأخير الذي أودى بحياة سبعة عاملين من "المطبخ المركزي العالمي" هو جزء من نفس النمط من الهجمات التي تستهدف عمال المساعدات الإنسانية والتي أودت بحياة موسى شوا، أحد زملائنا في "أنيرا،" الشهر الماضي. كما فعلت "أنيرا"، اتخذ "المطبخ المركزي العالمي" جميع الاحتياطات المطلوبة التي أُخبرنا أنها ستضمن سلامة موظفينا، بما في ذلك مشاركة إحداثيات أعمالنا، ووجود شاحنات محددة بوضوح والعمل في مناطق منزوعة السلاح. ومع ذلك، حتى مع تلبية هذه الشروط، أثبت الهجوم على "المطبخ المركزي العالمي" أن العاملين في المجال الإنساني ليسوا في أمان.

إيصال المساعدات في الوقت الحالي يضع كل من العاملين في المجال الإنساني والذين يتلقون هذه المساعدات في خطر كبير. يعتبر فريقنا في غزة أن مخاطر إيصال المساعدات بطريقة نشطة، في هذه المرحلة، كبيرة للغاية.

سنواصل عملنا في مجال اللوجستيات داخل وخارج غزة، الذي يتضمن استقدام الشاحنات، وتأمين اللوازم الضرورية، وإجراء جرد الموجودات، وتحضير المساعدات للتوزيع عندما يسمح الأمر. ومع ذلك، ستتوقف أعمالنا التشغيلية المباشرة في غزة، والتي تتضمن توزيع الطعام والمواد غير الغذائية والوجبات الساخنة، وأيام الرعاية الصحية المجانية والأنشطة النفسية الاجتماعية حتى إشعارٍ آخر.

على الرغم من أن قرار تعليق توزيع الطعام من مطابخنا المجتمعية والأنشطة الأخرى هو قرار صعب للغاية، إلا أنه من الضروري حماية موظفينا والمستفيدين الذين نخدمهم. بالإضافة لذلك، نظرًا لأن أنيرا تنسق مع المطبخ المركزي العالمي (World Central Kitchen) لجزء كبير من إمداداتنا غذائية، فتعليق عملياتهم في غزة قد ساهم في هذا القرار.

لم يتم اتخاذ هذا القرار بسهولة، ونحن ندرك أن تعليق برامج أنيرا والمنظمات الأخرى على الأرض سيخلق فجوة كبيرة في المساعدات المطلوبة. ومع ذلك، فإن قرار إيقاف المساعدات تم بناءً على معلومات مباشرة من زملائنا في غزة. فريق أنيرا في غزة ينتمي إلى المجتمع الذي يخدمه، هذا يعني أن فهمهم للآثار الناتجة عن توقف المساعدات أكبر من أي شخص آخر، حيث أنهم جزء من مجتمعهم. تعتمد قدرتهم على العمل على إرادة السلطات الإسرائيلية على ضمان سلامتهم وعدم استهداف العاملين في المجال الإنساني كما المستفيدين الذين يخدمونهم.

نأمل ونخطط لاستئناف توزيع المساعدات قريبًا وسيستمر مركز التوزيع الخاص بنا في استيعاب الشحنات الواردة والمستلمة التي تحتاج إلى جرد وتحضير للتوزيع. عندما ينتهي التوقف المؤقت لعملنا، سيقوم فريقنا على الفور بتوزيع كل ما تم استقدامه للمستفيدين والنازحين.

سيظل هذا التوقف ساري المفعول طالما يشعر موظفونا في غزة بعدم الأمان أثناء أداء عملهم. سنواصل مراقبة الوضع وأوضاع موظفينا في غزة وسنستأنف عندما نحصل على ضمانات مناسبة لإكمال عملهم دون الخوف من القتل.

من مسؤولية إسرائيل ضمان سلامة عمال المساعدات الإنسانية لكي تُستأنف جهود الإغاثة في أقرب وقت ممكن.

أثبتت طبيعة الهجوم على سيارات المطبخ المركزي العالمي (ًWorld Central Kitchen) والصور أن العاملين في المجال الإنساني يتعرضون حاليًا للهجوم. حيث يتم قتل واستهداف العاملين في المجال الإنساني بالإضافة إلى منع المساعدات الإنسانية ورفض دخول الإمدادات الضرورية بطريقة غير مقبولة وغير مسبوقة. ننتظر تطور الوضع لمعرفة المزيد؛ ومع ذلك، يعتمد قرارنا بإعادة عملنا وتقديم المساعدات على ضمان سلامة موظفينا والأشخاص المستفيدين. بمجرد أن يبلّغ موظفونا في غزة أنهم أصبحوا قادرين على تقديم المساعدات دون خوف من أن تقتلهم إسرائيل، ستستأنف أنيرا عملياتها على الأرض.

نعم، يمكنك المساهمة ونشجعك على ذلك. هذا توقف مؤقت، وليس وقفًا دائمًا لعملنا. سيمكننا دعمكم من مواصلة توصيل الشاحنات إلى غزة استعدادًا لاستئناف عملنا.

كما نواصل عملياتنا الحيوية في جميع أنحاء الأردن ولبنان والضفة الغربية حيث نخدم اللاجئين الفلسطينيين والمجتمعات المهمّشة.

نتوقع أن نستمر في العمل لخدمة أهلنا في غزة، ونحتاج إلى دعم مجتمعاتنا للقيام بذلك. هذا توقف مؤقت، ونحن لم نتوقف عن عملنا بشكل كامل. ستساعد التبرعات التي ترد خلال هذا الوقت في مواصلة إيصال شاحنات المساعدات إلى غزة، بمساعدة فرقنا الموجود في الضفة الغربية والأردن ومصر.

سنواصل استلام وتنسيق التبرعات الطبية لتوضيبها في الأردن لتكون جاهزة للتسليم عند استئناف عملنا. هذا شيء كنا نفكر فيه قبل التوقف حيث أن لدى "الهلال الأحمر الأردني" مساحة محدودة لتخزين إمداداتنا في الأردن قبل التسليم إلى غزة. سنبحث عن حلول سريعة في الأردن لضمان التخزين الآمن لشحنات المساعدات التي تصلنا.

كان على فريق "أنيرا" في غزة الاستجابة في ظل ظروف متغيرة باستمرار وتحمل المخاطر اليومية منذ بداية عملهم. كان موظفو أنيرا في غزة على استعداد لتحمل المخاطر الإضافية لتوصيل المساعدات، إلى أن قتلت إسرائيل موظف أنيرا موسى شوا، وقامت بعده بالهجوم على عمال "المطبخ المركزي العالمي". كانت العمليات الإنسانية تنسق بين جميع المسؤولين ذات الصلة بالموضوع لضمان سلامتهم. طبيعة هذا الاستهداف لثلاث سيارات من "المطبخ المركزي العالمي" تزيل أي شكوك ممكنة حول نوايا إسرائيل وتؤكد الخطر الإضافي الذي يواجهه موظفونا لتوصيل المساعدات.

يقوم موظفونا في غزة بإعادة تقييم الوضع كل يوم.