الاستعداد لما هو قادم على لبنان

نشر في:

دولة على حافة الهاوية

ألقت الحرب في غزة بظلٍّ ثقيل على قلوبنا جميعاً في لبنان. نجد أنفسنا متخبّطين بين الحزن العميق والغضب تجاه ما يحصل بأخواتنا وإخوتنا في فلسطين من جهة، والقلق المتزايد إزاء الوضع في لبنان من جهة أخرى، الذي يبدو وكأنه على حافة حرب شاملة أيضًا، كأننا نقف على مطلع حربٍ ننتظر بقلق بدايتها.

هناك الآن حوالي 20,000 نازح داخليًا في لبنان، والهجرة إلى خارج لبنان في تزايد مستمر. النزوح قاسٍ ولا يرحم، النازحون ينتقلون للعيش مع الأقارب أو يجمعون ما معهم وبالكاد يستطيعون تحمّل كلفة الإيجارات، إذ ارتفعت الأسعار بشكل قياسي غير مسبوق، والعائلات في جميع أنحاء البلاد تخزّن بقلق إمداداتها الغذائية في المنازل خوفاً من انقطاعها، ما يشكّل علامة واضحة على ما يعيشه سكان لبنان اليوم.

A family who lives in south Lebanon packs up to relocate to the north, as the danger of war looms.
عائلة تعيش في جنوب لبنان تحزم أمتعتها للانتقال إلى الشمال، مع اقتراب خطر الحرب

تواصلتُ مع ركان، زميلٌ سابق يقيم في قرية على الحدود الجنوبية تأثرَت بشكل كبير إثر النزاعات المستمرّة مع إسرائيل. كنت أتوقع أن أسمع أنّه، مثل الكثيرين، اختار الأمان وانتقل إلى مكان آخر، لكنّ إجابته كانت مفاجئة بالنسبة لي، بينما قام بإرسال زوجته الحامل وابنه الصغير إلى بيروت، حيث يعتبرونها مكانًا أكثر أمانًا، قرّر هو البقاء في منزله ولم يتخلى عنه.

ما السبب في بقائه؟ “كيف يمكنني ترك بيتي وممتلكاتي؟ إنها كل ما أملك، لا يمكنني تركها ببساطة والذهاب.” أجابني ركان. وهذا يشير إلى الارتباط العميق والتجذر بين شعب لبنان وأرضهم، والذي يتعدّى مجرد الممتلكات، و يتعلق بالهوية والانتماء والشعور بالمكان.

زوجته الحامل وابنه، مثل العديد من الآخرين، انتقلا شمالًا للعيش مع العائلة الموسعة. البيوت ضيّقة، والخصوصية نادرة، وعدم اليقين حول مدى استمرار هذا الوضع يثير ريبةً لديهم ويثقل الأجواء. ومع ذلك، إنها شهادة على قوة وصلابة شعب لبنان الذي يجد وسائل لدعم بعضه البعض والتضامن في هذه الأوقات الصعبة.

اتجّه حديثي مع ركان بشكل طبيعي إلى عملنا، مسلطًا الضوء على الشعور بالمسؤولية الذي يوجّه أفعالنا. كأفراد يعملون في مجال الإغاثة، نجد أنفسنا محاصرين بين واجب خدمة المجتمع وغريزة البحث عن الأمان. يؤكد ركان “نحن بحاجة إلى العناية بأنفسنا، ولكننا لا يمكننا أن نترك من هم بحاجة إلينا.”

نحن في منظمة “أنيرا” لسنا خبراء عسكريين، ونجهل تطورات المستقبل، ولكن لدينا إصرار على مساعدة الأفراد والمجتمعات المستضعفة في لبنان في تلبية احتياجاتهم خلال هذه الأزمات. نحن مصمّمون على الوقوف بقوة معاً لمواجهة ما ينتظرنا.

ولكن يجب أن نتذكر أن لبنان، بعد أربع سنوات من الغرق بانهيار الاقتصادي غير مسبوق، قد تآكل. أيّ زعزعة بالأمن أو نزوح إضافي سيكون كارثيًا بالنسبة للمدنيين المأسورين بهذا الوضع الخارج عن سيطرتهم. كما هو الحال في كل حرب، يتحمل المواطنون العاديون عبء النزاعات حيث تنزح العائلات وتفقد منازلها وتتعطّل حياتها. في الحروب لا يوجد منتصرون، بل هناك فقط ضحايا.

OUR BLOG

Related

تقرير من فريق أنيرا في غزة وصلنا من فريق أنيرا في غزة أخبار مثيرة للقلق عن أوامر الإخلاء الجديدة والمفاجئة التي أصدرتها القوات الإسرائيلية لجميع محافظة شمال غزة. يخبرنا قائد فريقنا في غزة: “اليوم كان يومًا آخر مليئًا بالدمار هنا!…

Read More

English في هذا السجل، ستقدم أنيرا تحديثات حول الوضع المتغير في فلسطين و استجابتنا. يرجى متابعة هذه الصفحة للحصول على أحدث المعلومات. 12 أيار 2024 اليوم، كانت ثلاث من مطابخنا المجتمعية تعمل، وقامت بإعداد مجموع 38,000 وجبة ساخنة للعائلات النازحة…

Read More

وصلت اللحظة التي كنا نخشاها منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر، لقد فقدنا أحد زملائنا الأعزاء في غزة. بقلب ثقيل، تعلن أنيرا عن استشهاد زميلنا موسى شوا، شهيد العمل الإنساني، في 8 آذار / مارس 2024 في الزوايدة –…

Read More

تبرع اليوم وغير حياة إنسان إلى الأبد