لن يُعصر الزيتون هذا الموسم

نشر في:

التأثير المدمر للحرب على مزارعي الزيتون

في أراضي فلسطين ولبنان الخلّابة، اعتُبرت أشجار الزيتون منذ فترة طويلة رمزًا للسلام والأمل والصمود. على مرّ الأجيال، اعتمد مزارعو هذه المناطق على زراعة الزيتون وإنتاج زيت الزيتون كمصدر عيش لهم. ولكن هذا الموسم، لن يُعصر الزيتون كالسنوات الماضية. هذا العام تقف حقول الزيتون شهادةً صارخةً على آثار النزاعات المستمرة في الشرق الأوسط.

An olive tree in the West Bank

تاريخ عريق لزيت الزيتون في غزة

يحتل زيت الزيتون مكانة خاصة في قلوب أهالي غزة، حيث يعود تاريخه إلى قرون مضت. عادةً، تنتج غزة أكثر من 5000 طن من زيت الزيتون سنويًا، مساهِمةً بشكل كبير في اقتصاد المنطقة وفي الدخْل الأساسي لعائلات كثيرة. على الرغم من التحديات التي يفرضها الوضع السياسي المعقد في المنطقة، تمكّن مزارعو غزة من زراعة بساتين الزيتون وإنتاج بعضٍ من أفضل أنواع زيت الزيتون في العالم. ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، حوّلت الحروب المستمرة هذه البساتين الخيّرة إلى مناطق خطرٍ وموت.

Boy with olives in Gaza. Photo from 2019.

تأثير النزاع في غزة

خلال هذه الحرب، تعتمد إسرائيل سياسة “الأرض المحروقة،” بما في ذلك تدمير أشجار الزيتون المعمّرة في غزة. هذه الأشجار التي يبلغ عمر بعضِها مئات السنين وتوارث على رعايتها أجيال عدة، تحولّت إلى رماد خلال دقائق. لم تمحِ هذه الأعمال جزءًا من التراث الثقافي في غزة فحسب، بل وقد حرمت العديد من العائلات من مصدر رزقهم الرئيسي.

في الضفة الغربية: حصاد خطير

وضع مزارعي الزيتون في الضفة الغربية ليس بأفضل. عادةً، تنتج الضفة الغربية أكثر من 30,000 طن من زيت الزيتون سنويًا. الآن، يُمنع المزارِعون وعائلاتهم من الوصول إلى أشجارهم ويتعرضون لهجمات من المستوطنين أثناء محاولتهم جني ثمار الزيتون. كما يتم سرقة الحصاد أو تدميره، وفي بعض الحالات، حرق الأشجار. إن بساتين الزيتون التي كانت في وقت مضى تجسيدًا للسلام والازدهار، أصبحت الآن ساحة للصراع والتوتر.

حقول الزيتون في الجنوب اللبناني غير آمنة

في جنوب لبنان، أصبحت بساتين الزيتون بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية ميدانًا خطرًا بسبب الاشتباكات التي تحدث في المنطقة. يواجه المزارعون تهديدات بالهجوم إذا جرأوا على الاقتراب من أشجار الزيتون الخاصة بهم، مما يحرمهم من الوصول لمحصولهم السنوي. عادةً ما تساهم المنطقة الحدودية في جنوب لبنان بحوالي 5,000 طن من زيت الزيتون من منتوج لبنان السنوي. والأسوأ هو استخدام إسرائيل خلال الضربات الأخيرة للفوسفور الأبيض المحظور دوليًا، مما أدى إلى تدمير أكثر من 40,000 شجرة زيتون في جنوب لبنان، مخلّفًا نظامًا بيئيًا كاملًا في حالة خراب.

تأثير جسيم على البيئة

تتجاوز آثار هذه النزاعات مزارعي الزيتون ورزقهم. فقد تم تدمير أراضٍ حرجية خضراء شاسعة، مما يؤثّر على التوازن البيئي ويهدد الحياة البرية. بالإضافة إلى ذلك، تمّت عرقلة جهود رجال الإطفاء اللبنانيين في محاولاتهم لإخماد الحرائق الناجمة عن هذه الأعمال التدميرية.

تذكير صارخ بالتكلفة البشرية للنزاعات المستمرة

لن يُعصر الزيتون هذا الموسم، فقد أصبح ضحيّة الاعتداءات المستمرة في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان. الخسارة هنا أبعد من الأثر الاقتصادي، فهي تمسّ جوهر الثقافة والتراث في هذه المناطق.

إنها تذكير صارخ بأنه في أوقات الحرب، الأبرياء والضعفاء هم أكثر من يعاني. عندما نراقب هذا الوضع المؤلم، لا يمكننا غير أن نأمل في مستقبل أفضل يمكن فيه لأشجار الزيتون في فلسطين ولبنان، ولمَن يرعاها، أن تزدهر مرة أخرى، وتعود رمزاً للصمود وجزءًا من هوية المنطقة.

OUR BLOG

Related

تقرير من فريق أنيرا في غزة وصلنا من فريق أنيرا في غزة أخبار مثيرة للقلق عن أوامر الإخلاء الجديدة والمفاجئة التي أصدرتها القوات الإسرائيلية لجميع محافظة شمال غزة. يخبرنا قائد فريقنا في غزة: “اليوم كان يومًا آخر مليئًا بالدمار هنا!…

Read More

English في هذا السجل، ستقدم أنيرا تحديثات حول الوضع المتغير في فلسطين و استجابتنا. يرجى متابعة هذه الصفحة للحصول على أحدث المعلومات. 12 أيار 2024 اليوم، كانت ثلاث من مطابخنا المجتمعية تعمل، وقامت بإعداد مجموع 38,000 وجبة ساخنة للعائلات النازحة…

Read More

وصلت اللحظة التي كنا نخشاها منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر، لقد فقدنا أحد زملائنا الأعزاء في غزة. بقلب ثقيل، تعلن أنيرا عن استشهاد زميلنا موسى شوا، شهيد العمل الإنساني، في 8 آذار / مارس 2024 في الزوايدة –…

Read More

تبرع اليوم وغير حياة إنسان إلى الأبد