المطر والبرد يفاقمان حالة البؤس في غزة

نشر في:

مع توقع انخفاض درجات الحرارة وعواصف رعدية هذا الأسبوع ستصل فظاعة الوضع في غزة إلى مستويات جديدة. هذه الحرب المستمرة منذ 42 يومًا هي الأكثر دموية منذ بداية الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية المستمرة منذ 75 عامًا، وقد ولّدت هذه الحرب تحديات غير مسبوقة. والآن، ستزيد الأمطار من معاناة العائلات النازحة قسراً.

تهجير وخراب

في أعقاب القصف الشديد والاجتياح البري، هُجِّر نصف سكان غزّة من منازلهم بسبب الهجمات. خلال موجات التهجير الأولى، لجأ الفلسطينيون – الذين انتقلوا من الشمال إلى الجنوب – إلى مدارس الأمم المتحدة المحوّلة إلى ملاجئ، أو إلى منازل أقربائهم أو أصدقائهم أو حتى أشخاص لا يعرفونهم وقاموا باستضافتهم. لكن خلال الأيام الـ12 الماضية، وبعد أن أصدرت إسرائيل مزيدًا من أوامر الإخلاء ومحاصرة الملاجئ والمستشفيات، نزح قسرًا نحو 200,230 شخصًا إضافيًا من الشمال إلى الجنوب.

استمرّت أعداد النازحين في الملاجئ بالارتفاع حتى امتلأت إلى أكثر من حدودها القصوى بأشواط. تقول الأمم المتحدة إن متوسط عدد الأشخاص النازحين داخلياً في كل مأوى هو 6,250 شخصًا، أي تسعة أضعاف الحد الطبيعي لما يمكن لهذه المدارس أن تستوعبه. أما أولئك الذين لم يتمكنوا من الدخول إلى الملاجئ، وجدوا أنفسهم في الطرقات دون مأوى واضطروا إلى بناء خيم مؤقّتة ممّا توفّر لهم، وهذه الخيم لا توفر لهم أي حماية ضد المطر والطقس البارد.

بثّت وسائل الإعلام لقطات للخيم المغمورة بالمياه خارج مدارس الأونروا في رفح، مؤكّدين على الحاجة الملحة للتدخل الإنساني السريع. “انهارت كل هذه الخيم بسبب المطر… كم يومًا سنضطر إلى العيش هكذا؟” قالت إقبال أبو سعود لصحيفة “ذا جارديان،” وهي تحاول تدعيم الخيمة التي لجأت إليها مع عائلتها.

هذا بالإضافة إلى العطش والجوع والإرهاق الشديد والمرض الذي أصابهم، ما أدى إلى سوء تغذية ومجاعة. فقد أهل غزة كل شيء.

“إذا لم يمت أطفالنا من الحرب، فإنهم سيموتون من برد الشتاء والجوع.” أكد أحد الرجال في مأوى الأمم المتحدة لقناة الجزيرة.

انتشار الأمراض في غزة

في الملاجئ المكتظّة وتجمعات الخيم المؤقتة، حيث تجتمع العائلات مع بعضها بحثًا عن الدفء، يتزايد خطر الأمراض المنقولة بالمياه والعدوى البكتيرية. الاكتظاظ والظروف الصحية السيئة وندرة المياه يخلقون بيئة حاضنة لانتشار الأمراض والأوبئة. الأكثر عرضة هم الأطفال،وهناك خطر كبير عليهم. بسبب الضعف والعطش الشديدين، سيكون أي مرض يتعرض له الأطفال مميتًا لهم.

حذرت وكالات الغوث هذا الأسبوع من نفاد احتياطي الوقود. هذا يعني نهاية خدمات إزالة النفايات والصرف الصحي، مما يخلق “تصعيدًا هائلًا للمخاطر الصحية، بما في ذلك تسارع تفشي الأمراض المنقولة بالمياه” حسب (AIDA). وأضافت أونروا أنه سيتراكم يومياً ما لا يقل عن 400 طن من النفايات الصلبة في مخيمات اللاجئين والمآوى.

على إنستاجرام، تحذّر الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، من عواقب العاصفة: “لدينا بالفعل تفشي لأمراض الإسهال… أكثر من 30,000 حالة، في حين تكون الأرقام بالعادة 2,000 حالة في نفس هذه الفترة. سيزيد ذلك من المعاناة بشكل لا يمكن توقعه.”

تكافح المؤسسات الصحية والإنسانية للمواصلة في الاستجابة

تواجه المؤسسات الإنسانية نقصًا حاداً في الوقود وقيودًا على الوصول إلى الحدود بالإضافة إلى تحديات كبيرة في جهودها. إنها تواجه تحديات يومية لتوفير الخدمات الأساسية بما في ذلك الطعام والأدوية من خلال معبر رفح المصري الذي يعد الرابط الوحيد بين غزة والعالم الخارجي. في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، تم السماح لشحنة وقود أولى بسعة 23,000 لترًا بالدخول لغزة وتم حصر استخدامها بالأونروا فقط. هذه الإمدادات لا تحاكي بأي شكل النقص الضخم، فتحتاج الأونروا على سبيل المثال إلى 160,000 لتر من الوقود يوميًا لتشغيل عملياتها الإنسانية.

في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، أفادت OCHA بتوقف حركة البضائع عبر معبر رفح بسبب تراكم المساعدات من الأيام السابقة. بدون وقود، لا يمكن للشاحنات والرافعات عند الحدود نقل المساعدات. وهذا يعني أنه لا توجد شحنات جديدة قادمة لتقديم القليل من الإغاثة كالخيم والفرش والماء والطعام وغيره.

المستشفيات والمرافق الصحية في غزة تحت ضغط مهول، فالنظام الصحي يعمل في حالة انهيار شبه تام دون وقود يكفي لتشغيل المولدات وأجهزة الإنعاش وغيرها من المعدّات الحيوية. يضطر الجراحون إلى إجراء العمليات تحت ضوء هواتفهم الجوالة فقط ودون تخدير. من بين 35 مستشفى في غزة، تسعة منها فقط لا تزال تعمل، جميعها بسعة وإمدادات طبية محدودة جدًا.

المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الباقية يؤدون دورًا أكبر من قدراتها المخطط لها، فهي تقوم برعاية المرضى والجرحى بالإضافة إلى كونها مأوى، فحوالي 137,000 شخص يتمركزون في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية وغيرها من المباني العامة، أو في خيم خارج هذه الأماكن. تجعل الأمطار الغزيرة والفيضانات هذه الظروف الحياتية التعيسة أكثر بؤسًا حيث تشكل تهديدًا لحياة الذين ينامون في الخارج والذين يلجؤون في داخل المباني الصحية المتهالكة من القصف.

هذا دون ذكر النقص الحاد في الأدوية والإمدادات الطبية بكل أنواعها.

فريق “أنيرا” لا يزال يحدث فرقاً

تمتلك أنيرا فريقًا متفانيًا مؤلف من 12 موظفًا، يعملون جنبًا إلى جنب مع المتطوعين والشركاء المحليين و البائعين والمورّدين. يعمل هؤلاء الأفراد الـ450 معًا على الأرض لتقديم المساعدات الإنسانية في غزة يوميًا، على الرغم من نقص جميع الإمدادات والطرق التي تعرضت للقصف وانقطاع الكهرباء. تشمل تدخلات الفريق وشركائه الحيوية تقديم ملايين الوجبات وتوزيع عشرات الآلاف من حقائب النظافة وتقديم مئات الآلاف من علاجات الرعاية الطبية وتنظيف مآوي المدارس بانتظام. كما يستضيف فريق أنيرا الطبي في غزة أيام مخصصة للرعاية الصحية المجانية بمشاركة أطباء وممرضين، كما تقوم بتوفير الأدوية بالقرب من المآوي. (اقرأ سجل الاستجابة اليومي لدينا لمعرفة المزيد.)

مع تحسّن الوضع، نسبيًا، وعودة حركة البضائع عبر حدود رفح نتيجة لتوفر الوقود بشكل محدود، سيقوم فريق أنيرا بالتعاون مع شركائنا بإحضار المزيد من الشاحنات التي تحتوي على إمدادات طبّية وغذائيّة ومياه وخيم وبطانيات وفرشات وغيرها.

غزة بحاجة إلى الوقود قبل أي شيء

تشهد غزة نقصًا حادًا في الوقود، مما يعني عدم قدرة أي شيء على التحرك، لا يمكن للشاحنات نقل المساعدات كالخيم مثلاً لحماية الأشخاص من البرد والمطر. كما لا يمكن توزيع الماء والطعام والإمدادات الطبية. بدون وقود، لا يوجد كهرباء لتشغيل مرافق الرعاية الصحية أو لضخ وتنقية المياه، التي هي من أساسيات الحياة.

OUR BLOG

Related

English في هذا السجل، ستقدم أنيرا تحديثات حول الوضع المتغير في فلسطين و استجابتنا. يرجى متابعة هذه الصفحة للحصول على أحدث المعلومات. 17 نيسان 2024 اليوم، قام فريق أنيرا في غزة بتوزيع 23,000 وجبة ساخنة من الدجاج والأرز في مطبخنا…

Read More

وصلت اللحظة التي كنا نخشاها منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر، لقد فقدنا أحد زملائنا الأعزاء في غزة. بقلب ثقيل، تعلن أنيرا عن استشهاد زميلنا موسى شوا، شهيد العمل الإنساني، في 8 آذار / مارس 2024 في الزوايدة –…

Read More
Read More

تبرع اليوم وغير حياة إنسان إلى الأبد